{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}اتخاذهم أرباباً: أنهم أطاعوهم في الأمر بالمعاصي وتحليل ما حرَّم الله وتحريم ما حلّله، كما تطاع الأرباب في أوامرهم. ونحوه تسميه أتباع الشيطان فيما يوسوس به: عباده، بل كانوا يعبدون الجنّ {ياأبت لاَ تَعْبُدِ الشيطان} [مريم: 44] وعن عديّ بن حاتم رضي الله عنه: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «أليسوا يحرّمون ما أحلّ الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرّمه الله فتحلونه»؟ قلت: بلى. قال: «فتلك عبادتهم».وعن فضيل رضي الله عنه. ما أبالي أطعت مخلوقاً في معصية الخالق، أو صليت لغير القبلة. وأمّا المسيح فحين جعلوه ابناً لله فقد أهلوه للعبادة. ألا ترى إلى قوله: {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} [الزخرف: 81]. {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إلها واحدا} أمرتهم بذلك أدلّة العقل والنصوص في الإنجيل والمسيح عليه السلام: أنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة {سبحانه} تنزيه له عن الإشراك به، واستبعاد له. ويجوز أن يكون الضمير في {وَمَا أُمِرُواْ} للمتخذين أرباباً، أي: وما أمر هؤلاء الذين هم عندهم أرباب إلاّ ليعبدوا الله ويوحدوه، فكيف يصحّ أن يكونوا أرباباً وهم مأمورون مستعبدون مثلهم.